الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
.تفسير الآيات (29- 32): {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32)}سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأجلَينِ قضَى موسَى؟ فقال: «أبعدهما وأبطأهما» وروي أنه قال: «قَضى أوفَاهُما، وتزوّج صغرَاهُما» وهذا خلاف الرواية التي سبقت. الجذوة باللغات الثلاث. وقرئ بهنّ جميعاً: العود الغليظ، كانت في رأسه نار أو لم تكن، قال كُثَيِّرُ:وقال: {مِن} الأولى والثانية لابتداء الغاية، أي: أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة. و{مِنَ الشجرة} بدل من قوله: من شاطئ الوادي، بدل الاشتمال؛ لأنّ الشجرة كانت نابتة على الشاطئ، كقوله تعالى: {لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ} [الزخرف: 33] وقرئ: {البقعة} بالضم والفتح. و{الرهب} بفتحتين، وضمتين، وفتح وسكون، وضم وسكون: وهو الخوف.فإن قلت: ما معنى قوله: {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرهب}؟ قلت: فيه معنيان، أحدهما: أنّ موسى عليه السلام لما قلب الله العصا حية: فزع واضطرب، فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء، فقيل له: إنّ إتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء. فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى. والمراد بالجناح: اليد؛ لأنّ يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر. وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضد يده اليسرى، فقد ضمّ جناحه إليه.والثاني: أن يراد بضم جناحه إليه: تجلده وضبطه نفسه. وتشدّده عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب، استعارة من فعل الطائر؛ لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما. وإلا فجناحاه مضمومتان إليه مشمران. ومنه ما يحكى عن عمر بن عبد العزيز أنّ كاتباً له كان يكتب بين يديه، فانفلتت منه فلتة ريح، فخجل وانكسر، فقام وضرب بقلمه الأرض، فقال له عمر: خذ قلمك، واضمم إليك جناحك، وليفرخ روعك، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي. ومعنى قوله: (من الرهب) من أجل الرهب، أي: إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك: جعل الرهب الذي كان يصيبه سبباً وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه. ومعنى: {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ}، وقوله: {اسلك يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} على أحد التفسيرين: واحد. ولكن خولف بين العبارتين، وإنما كرّر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء وفي الثاني: إخفاء الرهب. فإن قلت قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموماً وفي الآخر مضموماً إليه، وذلك قوله: {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} وقوله:{واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ} [طه: 22] فما التوفيق بينهما؟ قلت: المراد بالجناح المضموم. هو اليد اليمنى، وبالمضموم إليه: اليد اليسرى وكلّ واحدة من يمنى اليدين ويسراهما: جناح. ومن بدع التفاسير: أنّ الرهب: الكم، بلغة حمير وأنهم يقولون: أعطني مما في رهبك، وليت شعري كيف صحته في اللغة؟ وهل سمع من الأثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم؟ ثم ليت شعري كيف موقعه في الآية؟ وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل؟ على أن موسى عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمي لها {فَذَانِكَ} قرئ مخففاً ومشدّداً، فالمخفف مثنى ذاك. والمشدّد مثنى ذلك، {برهانان} حجتان بينتان نيرتان.فإن قلت: لم سميت الحجة برهانا؟ قلت: لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء. برهرهة، بتكرير العين واللام معا. والدليل على زيادة النون قولهم: أبره الرجل، إذا جاء بالبرهان. ونظيره تسميتهم إياها سلطاناً من السليط وهو الزيت، لإنارتها. .تفسير الآيات (33- 34): {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34)}يقال: ردأته: أعنته. والردء: اسم ما يعان به، فعل بمعنى مفعول كما أن الدفء اسم لما يدفأ به. قال سلامة بن جندل:وقرئ: {رداً} على التخفيف، كما قرئ {الخب} {رِدْءاً يُصَدّقُنِى} بالرفع والجزم صفة وجواب، ونحو {وَلِيّاً يَرِثُنِى} سواء.فإن قلت: تصديق أخيه ما الفائدة فيه؟ قلت: ليس الغرض بتصديقه أن يقول له: صدقت، أو يقول للناس: صدق موسى، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق، ويبسط القول فيه، ويجادل به الكفار، كما يفعل الرجل المنطيق ذو العارضة، فذلك جار مجرى التصديق المفيد، كما يصدّق القول بالبرهان. ألا ترى إلى قوله: {وَأَخِى هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنّى لِسَاناً فَأَرْسِلْهِ مَعِىَ}، وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك، لا لقوله: صدقت، فإنّ سحبان وباقلا يستويان فيه، أو يصل جناح كلامه بالبيان، حتى يصدّقه الذي يخاف تكذيبه، فأسند التصديق إلى هرون، لأنه السبب فيه إسناداً مجازياً. ومعنى الإسناد المجازي: أن التصديق حقيقة في المصدّق، فإسناده إليه حقيقة وليس في السبب تصديق، ولكن استعير له الإسناد لأنه لابس التصديق بالتسبب كما لابسه الفاعل بالمباشرة. والدليل على هذا الوجه قوله: {إِنّى أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ} وقراءة من قرأ: {ردءا يصدقوني}. وفيها تقوية للقراءة بجزم يصدقني. .تفسير الآية رقم (35): {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)}العضد: قوام اليد، وبشدّتها تشتد. قال طرفة:ويقال في دعاء الخير: شدّ الله عضدك. وفي ضده؛ فت الله في عضدك. ومعنى {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} سنقويك به ونعينك، فإمّا أن يكون ذلك لأن اليد تشتد بشدة العضد. والجملة تقوى بشدة اليد على مزاولة الأمور. وإمّا لأنّ الرجل شبة باليد في اشتدادها باشتداد العضد، فجعل كأنه يد مشتدة بعضد شديدة {سلطانا} غلبة وتسلطا. أو حجة واضحة {بأاياتنآ} متعلق بنحو ما تعلق به في تسع آيات، أي اذهبا بآياتنا. أو بنجعل لكما سلطانا، أي: نسلطكما بآياتنا. أو بلا يصلون، أي: تمتنعون منهم بآياتنا. أو هو بيان للغالبون لا صلة، لامتناع تقدم الصلة على الموصول. ولو تأخر: لم يكن إلا صله له. ويجوز أن يكون قسماً جوابه: لا يصلون، مقدماً عليه. أو من لغو القسم. .تفسير الآية رقم (36): {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36)}{سِحْرٌ مُّفْتَرًى} سحر تعمله أنت ثم تفتريه على الله. أو سحر ظاهر افتراؤه. أو موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر وليس بمعجزة من عند الله {وفي آياتنا} حال منصوبة عن هذا، أي: كائناً في زمانهم وأيامهم، يريد: ما حدثنا بكونه فيهم، ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك، وقد سمعوا وعلموا بنحوه. أو يريدوا أنهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته. أو ما كان الكهان يخبرون بظهور موسى ومجيئه بما جاء به. وهذا دليل على أنهم حجوا وبهتوا، وما وجدوا ما يدفعون به ما جاءهم من الآيات إلا قولهم هذا سحر وبدعة لم يسمعوا بمثلها..تفسير الآية رقم (37): {وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37)}يقول: {ربى أَعْلَمُ} منكم بحال من أهله الله للفلاح الأعظم، حيث جعله نبياً وبعثه بالهدى، ووعده حسن العقبى: يعني نفسه، ولو كان كما تزعمون كاذباً ساحراً مفترياً لما أهله لذلك، لأنه غني حكيم لا يرسل الكاذبين، ولا ينبئ الساحرين، ولا يفلح عنده الظالمون. و{عاقبة الدار} هي العاقبة المحمودة. والدليل عليه قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عقبى الدار جنات عَدْنٍ} [الرعد: 22- 23] وقوله: {وَسَيَعْلَمُ الكفار لِمَنْ عُقْبَى الدار} [الرعد: 42] والمراد بالدار: الدنيا، وعاقبتها وعقباها: أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقي الملائكة بالبشرى عند الموت.فإن قلت: العاقبة المحمودة والمذمومة كلتاهما يصح أن تسمى عاقبة الدار؛ لأنّ الدنيا إمّا أن تكون خاتمتها بخير أو بشر، فلم اختصت خاتمتها بالخير بهذه التسمية دون خاتمتها بالشر؟ قلت: قد وضع الله سبحانه الدنيا مجازاً إلى الآخرة وأراد بعباده أن لا يعملوا فيها إلا الخير، وما خلقهم إلا لأجله ليتلقوا خاتمة الخير وعاقبة الصدق، ومن عمل فيها خلاف ما وضعها الله فقد حرف؛ فإذاً عاقبتها الأصلية هي عاقبة الخير. وأما عاقبة السوء فلا اعتداد بها؛ لأنها من نتائج تحريف الفجار.وقرأ ابن كثير: {قال موسى} بغير واو، على ما في مصاحف أهل مكة، وهي قراءة حسنة؛ لأنّ الموضع موضع سؤال وبحث عما أجابهم به موسى عليه السلام عند تسميتهم مثل تلك الآيات الباهرة: سحراً مفترى. ووجه الأخرى: أنهم قالوا ذلك. وقال موسى عليه السلام هذا، ليوازن الناظر بين القول والمقول، ويتبصر فساد أحدهما وصحة الآخر:وقرئ: {تكون}، بالياء والتاء. .تفسير الآية رقم (38): {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)}روى أنه لما أمر ببناء الصرح، جمع هامان العمال حتى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الأتباع والأجراء، وأمر بطبخ الآجر والجص ونجر الخشب وضرب المسامير، فشيدوه حتى بلغ ما لم يبلغه بنيان أحد من الخلق، فكان الباني لا يقدر أن يقف على رأسه يبني، فبعث الله تعالى جبريل عليه السلام عند غروب الشمس، فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع: وقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل، ووقعت قطعة في البحر وقطعة في المغرب، ولم يبق أحد من عماله إلا قد هلك. ويروى في هذه القصة: أنّ فرعون ارتقى فوقه فرمى بنشابة نحو السماء، فأراد الله أن يفتنهم فردّت إليه وهي ملطوخة بالدم؛ فقال: قد قتلت إله موسى، فعندها بعث الله جبريل عليه السلام لهدمه، والله أعلم بصحته. قصد بنفي علمه بإله غيره: نفي وجوده، معناه: {مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرِى} [الأعراف: 59] كما قال الله تعالى: {قُلْ أَتُنَبّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السموات وَلاَ فِي الارض} [يونس: 18] معناه بما ليس فيهن، وذلك لأنّ العلم تابع للمعلوم لا يتعلق به إلا على ما هو عليه، فإذا كان الشيء معدوماً لم يتعلق به موجود، فمن ثمة كان انتفاء العلم بوجوده لا انتفاء وجوده. وعبر عن انتفاء وجوده بانتفاء العلم بوجوده. ويجوز أن يكون على ظاهره، وأنّ إلها غيره غير معلوم عنده، ولكنه مظنون بدليل قوله: {وَإِنّى لاظُنُّهُ مِنَ الكاذبين}، وإذا ظنّ موسى عليه السلام كاذباً في إثباته إلهاً غيره ولم يعلمه كاذباً، فقد ظنّ أن في الوجود إلهاً غيره، ولو لم يكن المخذول ظاناً ظناً كاليقين، بل عالماً بصحة قول موسى عليه السلام لقول موسى له: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السموات والأرض بَصَائِرَ} [الإسراء: 102] لما تكلف ذلك البنيان العظيم، ولما تعب في بنائه ما تعب، لعله يطلع بزعمه إلى إله موسى عليه السلام، وإن كان جاهلاً مفرط الجهل به وبصفاته، حيث حسب أنه في مكان كما كان هو في مكان، وأنه يطلع إليه كما كان يطلع إليه إذا قعد في عليته، وأنه ملك السماء كما أنه ملك الأرض. ولا ترى بينة أثبت شهادة على إفراط جهله وغباوته وجهل ملئه وغباوتهم: من أنهم راموا نيل أسباب السموات بصرح يبنونه، وليت شعري؛ أكان يلبس على أهل بلاده ويضحك من عقولهم، حيث صادفهم أغبى الناس وأخلاهم من الفطن وأشبههم بالبهائم بذلك؟ أم كان في نفسه بتلك الصفة؟ وإن صحّ ما حكى من رجوع النشابة إليه ملطوخة بالدم، فتهكم به بالفعل، كما جاء التهكم بالقول في غير موضع من كتاب الله بنظرائه من الكفرة. ويجوز أن يفسر الظن على القول الأوّل باليقين، كقوله:ويكون بناء الصرح مناقضة لما ادعاه من العلم واليقين، وقد خفيت على قومه لغباوتهم وبلههم. أولم تخف عليهم، ولكن كلا كان يخاف على نفسه سوطه، وسيفه، وإنما قال: {فَأَوْقِدْ لِى ياهامان عَلَى الطين} ولم يقل: اطبخ لي الآجر واتخذه، لأنه أوّل من عمل الآجر، فهو يعلمه الصنعة، ولأن هذه العبارة أحسن طباقاً لفصاحة القرآن وعلوّ طبقته وأشبه بكلام الجبابرة. وأمر هامان وهو وزيره ورديفه بالإيقاد على الطين منادى باسمه بيا في وسط الكلام. دليل التعظيم والتجبر.وعن عمر رضي الله عنه أنه حين سافر إلى الشام ورأى القصور المشيدة بالآجر فقال: ما علمت أن أحداً بنى بالآجر غير فرعون. والطلوع والإطلاع: الصعود. يقال: طلع الجبل وأطلع: بمعنى.
|